...وقال لھ: قم أقتلك مثل ما قتلت
ولدي وحشاشة كبدي فانتحب ذلك التاجر وبكى وأعلن الثلاثة شیوخ بالبكاء والعویل والنحیب
فانتبھ منھم الشیخ الأول وھو صاحب الغزالة وقبل ید ذلك العفریت وقال لھ: یا أیھا الجني وتاج
ملوك الجان إذا حكیت لك حكایتي مع ھذه الغزالة ورأیتھا عجیبة، أتھب لي ثلث دم ھذا التاجر?
قال: نعم. یا أیھا الشیخ، إذا أنت حكیت لي الحكایة ورأیتھا عجیبة وھبت لك ثلث دمھ فقال ذلك
الشیخ الأول: اعلم یا أیھا العفریت أن ھذه الغزالة ھي بنت عمي ومن لحمي ودمي وكنت
تزوجت بھا وھي صغیرة السن وأقمت معھا نحو ثلاثین سنة فلم أرزق منھا بولد فأخذت لي
سریة فرزقت منھا بولد ذكر كأنھ البدر إذا بدا بعینین ملیحتین وحاجبین مزججین وأعضاء كاملة
فكبر شیئاً فشیئاً إلى أن صار ابن خمس عشرة سنة فطرأت لي سفرة إلى بعض المدائن فسافرت
بمتجر عظیم وكانت بنت عمي ھذه الغزالة تعلمت السحر والكھانة من صغرھا فسحرت ذلك
الولد عجلاً وسحرت الجاریة أمھ بقرة وسلمتھا إلى الراعي، ثم جئت أنا بعد مدة طویلة من
السفر فسألت عن ولدي وعن أمھ فقالت لي جاریتك ماتت وابنك ھرب ولم أعلم أین راح فجلست
مدة سنة وأنا حزین القلب باكي العین إلى أن جاء عید الضحیة فأرسلت إلى الراعي أن یخصني
ببقرة سمینة وھي سریتي التي سحرتھا تلك الغزالة فشمرت ثیابي وأخذت السكین بیدي وتھیأت
لذبحھا فصاحت وبكت بكاء شدیداً فقمت عنھا وأمرت ذلك الراعي فذبحھا وسلخھا فلم یجد فیھا
شحماً ولا لحماً غیر جلد وعظم فندمت على ذبحھا حیث لا ینفعني الندم وأعطیتھا للراعي وقلت
لھ :
ائتني بعجل سمین فأتاني بولدي المسحور عجلاً فلما رآني ذلك العجل قطع حبلھ وجاءني وتمرغ
علي وولول وبكى فأخذتني الرأفة علیھ وقلت للراعي ائتني ببقرة ودع ھذا.كل ذلك والجني یتعجب من حكایة ذلك الكلام العجیب ثم قال صاحب الغزالة: یا سید ملوك الجان
كل ذلك جرى وابنة عمي ھذه الغزالة تنظر وترى وتقول اذبح ھذا العجل فإنھ سمین، فلم یھن
علي أن أذبحھ وأمرت الراعي أن یأخذه وتوجھ بھ، ففي ثاني یوم وأنا جالس وإذا بالراعي أقبل
علي وقال: یا سیدي إني أقول شیئاً تسر بھ ولي البشارة. فقلت: نعم فقال: أیھا التاجر إن لي بنتاً
كانت تعلمت السحر في صغرھا من امرأة عجوز كانت عندنا، فلما كنا بالأمس وأعطیتني العجل
دخلت بھ علیھا فنظرت إلیھ ابنتي وغطت وجھھا وبكت ثم إنھا ضحكت وقالت: یا أبي قد خس
قدري عندك حتى تدخل علي الرجال الأجانب. فقلت لھا: وأین الرجال الأجانب ولماذا بكیت
وضحكت? فقالت لي أن ھذا العجل الذي معك ابن سیدي التاجر ولكنھ مسحور وسحرتھ زوجة
أبیھ ھو وأمھ فھذا سبب ضحكي وأما سبب بكائي فمن أجل أمھ حیث ذبحھا أبوه فتعجبت من
ذلك غایة العجب وما صدقت بطلوع الصباح حتى جئت إلیك لأعلمك فلما سمعت أیھا الجني كلام
ھذا الراعي خرجت معھ وأنا سكران من غیر مدام من كثرة الفرح والسرور والذي حصل لي إلى
أن أتیت إلى داره فرحبت بي ابنة الراعي وقبلت یدي ثم إن العجل جاء إلي وتمرغ علي فقلت
لابنة الراعي: أحق ما تقولینھ عن ذلك العجل? فقالت: نعم یا سیدي إیھ ابنك وحشاشة كبدك
فقلت لھا: أیھا الصبیة إن أنت خلصتیھ فلك عندي ما تحت ید أبیك من المواشي والأموال
فتبسمت وقالت: یا سیدي لیس لي رغبة في المال إلا بشرطین: الأول: أن تزوجني بھ والثاني:
أن أسر من سحرتھ وأحبسھا وإلا فلست آمن مكرھا فلما سمعت أیھا الجني كلام بنت الراعي
قلت: ولك فوق جمیع ما تحت ید أبیك من الأموال زیادة وأما بنت عمي فدمھا لك مباح.
فلما سمعت كلامي أخذت طاسة وملأتھا ماء ثم أنھا عزمت علیھا ورشت بھا العجل وقالت :
إن كان االله خلقك عجلاً فدم على ھذه الصفة ولا تتغیر وإن كنت مسحوراً فعد إلى خلقتك الأولى
بإذن االله تعالى وإذا بھ انتفض ثم صار إنساناً فوقعت علیھ وقلت لھ: باالله علیك احك لي جمیع ما
صنعت بك وبأمك بنت عمي فحكى لي جمیع ما جرى لھما فقلت: یا ولدي قد قیض االله لك من
خلصك وخلص حقك ثم إني أیھا الجني زوجتھ ابنة الراعي ثم أنھا سحرت ابنة عمي ھذه الغزالة
وجئت إلى ھنا فرأیت ھؤلاء الجماعة فسألتھم عن حالھم فأخبروني بما جرى لھذا التاجر
فجلست لأنظر ما یكون وھذا حدیثي فقال الجني: ھذا حدیث عجیب وقد وھبت لك ثلث دمھ ...
قصة التاجر والعفريت 2
كاتب الموضوع : مجلة الفراشة
مجلة الفراشة هي مدونة مغربية عربية بامتياز تسعى لامدادكم بافكار ووصفات تجميلية طبيعية وكذا بمعلومات طبية تخص صحتكم مجلة الفراشة
0 commentaires :
Enregistrer un commentaire